اليوم العالمى للمرأة و قضية إنهاء العنف ضد النساء
Posted on: مايو 9, 2015, by : Editorبقلم: أدام مكارى
بمناسبة اليوم العالمى للمرأة و الموافق الثامن من مارس(آذار) ، أجرت قناة الجزيرة الناطقة باللغة الإنجليزية حوارا مع الأستاذة/ هيباق عثمان رئيس منظمة كرامة.
لقد أصبحت النساء تشاركن بفاعلية فى العملية السياسية فى العديد من البلاد، و استطاعن أيضا أن يحققن تقدما ملموسا بالنسبة للمساواة الاقتصادية. و لكن، لا تزال حقوق المرأة فى الحياة والصحة و التعليم و التحرر من العنف لم تتحقق بصورة كبيرة.
و الدليل على ذلك عدد النساء الكبير اللاتى يعانين من الفقر.
يعد يوم المرأة العالمى و الموافق 8 مارس (آذار) من المناسبات الهامة التى تحتفل بها الجماعات و المنظمات النسوية فى جميع أنحاء العالم.
و فى هذه المناسبة، قامت قناة الجزيرة باستضافة الأستاذة/ هيباق عثمان مؤسس و رئيس منظمة كرامة و هى إحدى المنظمات الإقليمية التى تعمل مع العديد من الناشطات من ثمانى قطاعات فى العمل المدنى و تعمل على إنهاء العنف الممارس ضد المرأة فى منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا من أجل تأسيس حركة عربية لمناهضة العنف.
فى عام 2002، تم تعيين الأستاذة/هيباق عثمان كممثل خاص عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى منظمة V-Day و هى إحدى الحركات العالمية التى تهدف إلى وقف العنف ضد النساء .
و كانت الأستاذة/ هيباق عثمان فى نيويورك لحضور اجتماع لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة.
الجزيرة: تشتكى الناشطات على مستوى العالم غاليا من التحديات التى تواجه عملهن عند ترجمة النوايا الطيبة إلى فعل على أرض الواقع. ما هى الأمور التى تحارب ضد هؤلاء الناشطات؟
أ/هيباق عثمان: بدون المشاركة الكاملة و الفعالة من جانب الفتيات و النساء و وضع احتياجاتهن وهمومهن فى الحسبان، فإن اجتماعات الأمم المتحدة لن تكون ذات معنى.
و دون إبداء وجهات نظر النساء على مختلف مستويات صناعة القرار، فإن أهداف الأمم المتحدة الخاصة بالمساواة و التنمية لا يمكن أن تتحقق بغض النظر عن الاتفاقيات و المعاهدات التى يتم التصديق عليها و بغض النظر عن عدد القرارات التى يتم التوقيع عليها. و أؤكد مرة أخرى أنه لولا مشاركة النساء، لما كانت اللجنة المعنية بوضع المرأة موجودة هنا اليوم.
و يجب أن يتم وضع احتياجات النساء و اهتماماتهن فى الحسبان لأنها تعد جزءا لا يتجزأ من ضمان سير الديمقراطية بالصورة السليمة. إن آلام النساء و معاناتهن هى التى يمكن أن تتحعلنا نجلس سويا من أجل حل المشكلات العالمية.
الجزيرة: كيف ساعدت المعاهدات و قرارات الأمم المتحدة فى الارتقاء بمكانة المرأة على مستوى العالم؟
أ/هيباق عثمان: بدأ الأمر عندما تم التطرق إلى قضايا العنف التى تستهدف النساء و ذلك خلال المؤتمر الذى عقد فى نيروبي فى عام 1985، و لكن الحكومات لم تتفاوض و تناقش فى ذلك الوقت حول الوسائل التى يمكن اتباعها من أجل وقف مثل هذه الجرائم التى تتم فى حق النساء فى بلادهم.
لقد كان المؤتمر العالمى فى فيينا حول حقوق الإنسان فى عام 1993 لحظة فارقة فى تاريخ حقوق النساء، حيث أنها كانت المرأة الأولى التى يدرك فيها الناس أن حقوق النساء هى مجموعة خاصة من القضايا و تدرك أن هناك أشكال مختلفة من العنف التى تستهدف النساء.
و استطاعت حركات حقوق المرأة من خلال جهودهم الحثيثة و المكثفة أن تحدث التغيير و يرجع لهم الفضل فى تحويل العديد من النوايا الطيبة إلى أفعال على أرض الواقع. و من ثم، لم يعد من الأمور المستغربة أن نتحدث عن حقوق المرأة.
و لكن يجب أن نعى حقيقة هامة ألا وهى أن حقوق المرأة لا تزال متراجعة فى العديد من الدول. فعلى سبيل المثال، النساء ممنوعات فى المملكة العربية السعودية من قيادة السيارات. كما أن النساء لا يحق لهن الترشح فى الانتخابات فى بعض المجتمعات المتحفظة بدرجة مبالغ فيها، و نجد أن النساء فى بعض المناطق فى باكستان يتم قتلهن بداعى الشرف.
الجزيرة: ماهى الخطوات الملموسة التى يمكن للحكومات أن تتخذها من أجل إحداث تغيير اجتماعى و مؤسسى؟
أ/هيباق عثمان: تستطيع الحكومات أن تطبق حقوق المرأة من خلال الالتزام ببعض المواثيق
و المعاهدات القائمة فى هذا الشأن مثل معاهدة القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) التى طرحتها اللجنة الخاصة بها و التى تم تأسيسها فى عام 1982.
و تعد الاتفاقية بمثابة دليل إرشادى رائع يمكن للحكومات الاعتماد عليه للتحقق من مدى شعور النساء بالأمن و الحماية.
و من ثم فإن العملية التعليمية تعد من العوامل الهامة حيث يتعين على الحكومات الاستثمار فى أبنائهم حتى يستطيعوا الاستفادة مما تقدمه لهم الدولة. و يجب أن يتم ضخ الاستثمارات من أجل تمكين النساء فى البلاد.
المسألة ليست فى بناء عشر مدارس ثم نقول بعدها “لقد أديت واجبى”. الأمر أكبر من ذلك حيث يجب على الحكومات أن تتأكد من توفير الحماية للطالبات و هن فى طريقهن للمدرسة، و التأكد أيضا من حصولهن على وظائف عند التخرج، و أن يكون لهن الحق فى تقلد المناصب على كافة المستويات فى بلادهن.
و كما تعرفون فهناك العديد من القصص النسائية الرائعة التى تحدث فى مصر و الكويت حيث استطاعت النساء فى البلدين اعتلاء أعلى المناصب.
و لكن هناك بعض الحكومات التى تقوم بتعيين النساء فى المواقع السياسية كنوع من “الوجاهة” بالنسبة للبلد مثل زامبيا التى تتباهى بأن النساء يمثلن 20% من أعضاء البرلمان. و لكن عندما يتحدث المرء مع هؤلاء النساء تجدهن لا يعرفن أبسط شئ عن كيفية تغيير السياسات فى بلادهن، أو العقبات التى يجب عليهن مواجهتها و المتعلقة بجنسهن.
يجب على الحكومات أن تعمل على تسهيل دور المرأة و تعظيمه و ليس مجرد الادعاء بالقيام بذلك.
ففى مصر على سبيل المثال، هناك آليات لمتابعة التزام الحكومة تجاه معاهدة سيداو، و يتم إرسال وفود إلى نيويورك للحديث عما قامت به الحكومة و ما لم تقم به فى هذا الصدد.
الجزيرة: ما الذى يجب أن تركز عليه منظمات حقوق المرأة خلال العقد القادم؟
أ/هيباق عثمان: من الصعب الحديث عن ذلك، فطالما استمرت الحروب و استمر الفقر، ستظل مسألة حقوق المرأة هى القضية الأساسية القائمة.
و المسئولية تحتم على الحكومات و المنظمات غير الحكومية للعمل سويا و مكافحة ما يبدو ،للآسف، كتوجه مناهض للمرأة . و يجب أيضا أن تركز المنظمات غير الحكومية على إنهاء العنف ضد المرأة.
و كلما زادت هذه الجهود على المستوى الداخلى، كلما زادت قوة المجتمع الدولى فى لعب الدور المنوط به فى حل المشكلات العالمية. كما أن المجتمع الدولى لديه القوة الأكبر التى تمكنه من حل مثل هذه القضايا. و عندما تكون المنظمات الدولية على دراية بكافة المعلومات بصورة أفضل، فإن السياسات التى سوف تضعها سوف تحدث التأثير المنشود للجميع بنفس الصورة.
و من بين الأسباب التى دعتنى لتأسيس صندوق المرأة العربية هو مساعدة النساء فى الشرق الأوسط لإيجاد الموارد من أجل تغيير المجتمع بطريقتهن و من خلال الاهتمام بقاضيهن لإحداث الفارق فى كل المجالات.
و تعد كل من هولندا و النرويج و دول الاتحاد الأوروبى من أكثر الدول الداعمة لحقوق المرأة. كما يوجد فى الولايات المتحدة أيضا مجموعة من أفضل المنظمات الخاصة العاملة فى هذا المجال.
و لكننى أعتقد فى الحقيقة أن الأهداف الإنمائية للأمم المتحدة (الهدف الثالث الذى يدعو إلى اتخاذ إجراءات من أجل الارتقاء بالمساواة بين الجنسين فى جميع أنحاء العالم و هو الهدف الذى كانت قد طرحته وزارة الشئون الخارجية الهولندية، من الأفكار الرائعة و العظيمة فى هذا الصدد.
لقد قدمت هولندا وبعض الحكومات المانحة الأموال لدعم المنظمات غير الحكومية فى جميع أنحاء العالم بما يحتاجونه لتمويل قضية تحقيق المساواة بين الجنسين، و توفير الموارد لدعم النساء للقيام بعملهن و تمويل الجماعات النسائية.
و بعد فترة من الوقت نظروا إلى النتائج التى تم تحقيقها جراء هذا التمويل و الدعم. و مثل هذه الجهود تستحق فعلا الثناء عليها.
الجزيرة: هل تعتقدين أنه يمكن لامرأة فى العالم العربى أن تتقلد منصب رئيس دولة؟
أ/هيباق عثمان: و لما لا؟! إننى متفائلة للغاية.
لا يجب أن تخشى النساء الترشيح للحصول على منصب سياسى، و لا يجب عليهن أيضا أن يخشين إيجاد الموارد و أن يساعدن أنفسهن.
إذا ما استطاع باراك أوباما أن يصبح رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية فلماذا لا تستطيع امرأة فى الشرق الأوسط أن تصبح رئيسة دولة؟ يجب أن نكون متفائلين لأن الأمل و التفاؤل و الإيمان هى الحافز على التغيير.
فعندنا على سبيل المثال السيدة/ إيلان سيرليف لم تكن تتخيل أنها ستصبح أول امرأة تصل إلى منصب الرئاسة فى دولة أفريقيا هى ليبريا. و لكنها استطاعت أن تحقق ذلك. و إننى أرى أن تولى امرأة عربية لمنصب الرئاسة ليس إلا مسألة وقت.
إن النساء ماضيات فى طريقهن صوب التغيير ليس فقط على مستوى النساء فى العالم العربى و لكن فى كل مكان فى العالم، و لن يعرقل مسيرتهن أى شئ.
الجزيرة: تشير بعض التقارير الإعلامية إلى زيادة عملية تهريب النساء و الاتجار بهن فى ممارسة البغاء حتى أن بعض الدول تستخدمها كوسيلة للتربح… فما الذى يمكن أن تفعله المنظمات مثل منظمتك لرفع الوعى بشأن هذه القضية؟
أ/هيباق عثمان: إن هذه القضية من القضايا الحساسة و الحاسمة فيما يتعلق بحقوق المرأة، و من المهم أن يواجه الناس هذه المشكلة بمزيد من النظر فى النواحى المرتبطة باستغلال النساء فى تجارة الجنس. و إذا ما شرعنا عملية ممارسة البغاء على سبيل المثال، فإن تجارة الجنس سوف تتزايد.
و إذا ما أبقينا عليها كعمل غير قانونى، فستستمر النساء فى التعرض للضرب و الاستعباد…الخ.
و إننى أرى أن كل هذه الأمور السبب فيها هو الفقر و اعتقد أن يجب دائما أن يكون للنساء حرية الاختيار فى فى نهاية اليوم.
و إننى أعتقد اعتقادا راسخا بأنه عندما تعيش فى أوروبا أو فى أى من المناطق المميزة فى العالم، تكون فى موقف يجعلك تتساءل ما الذى يجبر النساء على الدخول فى عالم تجارة الجنس و ممارسة البغاء؟! هذه هى وجهة نظر هؤلاء الناس لأنهم ببساطة يعيشون فى رغد من العيش فى مناطق مميزة من العالم.
و لكن الأمر مختلف تماما بالنسبة للذين يعيشون فى الدول الفقيرة، فعندما تعيش فى دولة فقيرة،
و تجد بعضا من الناس يغروك بالمال فسوف تتنازل. بكل تأكيد لا توجد أم تتمتع بكافة قواها العقلية تقوم ببيع أطفالها، و لكن الواقع أن هؤلاء النساء فقدن صوابهن و عقولهن تحت وطأة الفقر و الحاجة.
إن الفقر أمر غاية فى السوء و هو الذى يجعل هؤلاء النساء يفعلون أشياء ما ماكنوا ليفعلونها لو كانت الأمور تسير بطبيعتها. و إذا لم نستطع حل مشكلة الفقر التى أصبحت تحديا واضحا على مستوى العالم، فإن مشكلة العاملات فى ممارسة البغاء سوف تتزايد و تظهر فى كافة أنحاء العالم.
وللأسف نجد أن تجارة الجنس و ممارسة البغاء من الأمور المربحة التى تدر مالا وفيرا. .