الموجز السياسي: احتجاجات البحرين
Posted on: أبريل 10, 2015, by : Editorبفضل الثروة النفطية، تحظى البحرين بأحد أعلى معدلات الناتج المحلي الإجمالي للفرد في العالم. غير أن هذه الثروة غير المتوقعة لا يتم توزيعها بالتساوي، ومعدلات البطالة والفقر تتزايد بشكل حاد. تسبب قرار الحكومة بالسماح للمستثمرين الأجانب بتملك الأراضي في البحرين في ارتفاع مفاجئ في أسعار العقارات بعد أن اضطُر العديد من ملاك الأراضي البحرينيين في التسعينيات لبيع أراضيهم بما لا يزيد عن 20 ٪ من قيمتها.
وبحلول عام 2010، تحولت بعض العقارات من الطراز الممتاز بما قيمته 65 مليار دولار من الأراضي العامة بطريقة ما إلى الملكية الأسرة المالكة. ووحد نواب الشيعة والسنة جهودهم للتحقيق في المسألة، فكان من شأن الحقائق التي تكشفت أن أثارت غضباً واسع النطاق واحتجاجات عارمة.
استمرت الاحتجاجات في الشوارع على مدى شهور في أوائل عام 2010. وقد شعرت الشيعة بالغضب الشديد من محاولة سلالة السنة لتغيير التوازن الديموغرافي في البحرين من خلال منح غير المقيمين من السنة المواطنة السريعة. وقامت الأسرة المالكة بتعليق شبكة الجزيرة العربية يوم 18 مايو، بعد أن بثت فقرة عن الفقر في البحرين.
شنت الحكومة حملة في النصف الثاني من عام 2010، مما أسفر عن اتهام خمسة وعشرين من نشطاء المعارضة البارزين، معظمهم من الشيعة، بنشر معلومات كاذبة، والاجتماع مع المنظمات الخارجية والإرهاب. وعندما بدأت محاكمتهم في 28 أكتوبر، أبلغ معظمهم المحكمة بأنهم تعرضوا للتعذيب وأفاد المحامون بأنهم لاحظوا علامات وجروح ناتجة عن التعذيب.
اختار النشطاء البحرينيين على الإنترنت يوم 14 فبراير 2011 ليكون “يوم الغضب”، تزامناً مع الذكرى العاشرة لاستفتاء شعبي أقر بالموافقة على ميثاق إصلاح قام الملك بإلغائه. حاولت العائلة المالكة درء الاحتجاجات من خلال تقديم دعم يبلغ 2650 دولار لكل عائلة. وبالرغم من ذلك، خرج المتظاهرون إلى الشوارع، مطالبين بإجراء تغييرات دستورية وإطلاق سراح السجناء السياسيين ووضع حد للتعذيب. وفي وجه حملة تأديبية متزايدة، دعا الناشطون إلى تشكيل حكومة منتخبة ديمقراطياً وإنهاء التمييز ضد الشيعة.
حكمت عائلة آل خليفة السنية لأكثر من قرنين من الزمان بعد أن وصلت إلى البحرين من المملكة العربية السعودية. أربعة أخماس مجلس الوزراء البالغ أعضاؤه 25 شخصاً هم من العائلة المالكة، أما رئيس الوزراء فقد ظل في منصبة مدة 40 عاماً. ويجوز للملك حمد تعيين وعزل الوزراء وحل البرلمان إن شاء، وتعيين جميع أعضاء مجلس الشورى.
الهجمات على المدنيين العزل في احتجاجات
تم تصوير قوات الشرطة وهي محتمية خلف الدبابات على شريط فيديو في فبراير أثناء إطلاقها للذخيرة الحية على المتظاهرين الذين كانوا يحاولون الوصول إلى ميدان اللؤلؤة (المعروف أيضا باسم دوار اللؤلؤة). وعند وصول سيارات الإسعاف واستمرار إطلاق النار، واصلت سيارات الإسعاف تقدمها بين الدبابات والمحتجين لتوفير الحماية للضحايا العزل. استهدفت الهجمات التي شنتها شرطة مكافحة الشغب في ميدان اللؤلؤة يوم 17 فبراير عائلات من المتظاهرين العزل أثناء نومهم بمن فيهم الأطفال الذين أمضوا ليلتهم هناك. وبدأت المستشفيات في استقبال مئات المصابين. ذكر المسعفون من أكثر من 10 سيارات إسعاف لأحد المراسلين أنهم تعرضوا لهجوم من قبل الشرطة، وقال أحدهم إن ضابط جيش سعودي صوب مسدساً نحو رأسه مهدداً بقتله إن ساعد الجرحى.
بحلول يوم 15 مارس، أي بعد يوم واحد من دخول القوات الخليجية التي تقودها السعودية إلى البحرين، ارتفع عدد القتلى إلى 20، بينهم اثنان من ضباط الجيش. احتشد عشرات المشيعين الذين تجمعوا في العاصمة البحرينية يوم 22 مارس لتشييع جنازة امرأة شيعية يقول شهود عيان إنها لقيت حتفها على يد قوات الجيش بعد فترة قصيرة من فرض حكم الطوارئ الأسبوع الماضي، في حين أفادت شهادة الوفاة التي أصدرها مستشفى عسكري أن سبب الوفاة هو إصابة بالغة في الدماغ.
تجدر الإشارة إلى أن جماعتين فقط في البحرين تتمتعان بإمكانية الحصول على الأسلحة النارية: أفراد الأمن وأفراد الأسر القبلية المتحالفة مع العائلة الحاكمة.
الهجمات على المستشفيات والعاملين بالمستشفيات
ما كان ينذر بالخطر على وجه الخصوص هو إطلاق النار على المنشآت الطبية، فضلاً عن التحرش بالطاقم الطبي واحتجازهم. اعتُقل الجراح الدكتور صادق العكري أثناء علاجه للمتظاهرين وبحثه عن طفل أحد المرضى. قُيدت يداه، وتعرض للضرب حتى فقد الوعي بعد أن تعرض للتهديد بالاغتصاب. ووفقاً لصحيفة الوسط البحرينية، ظلت مجمع السلمانية الطبي تحت الحصار لعدة أيام. العديد من الأطباء بمن فيهم الدكتورة ندى ضيف، التي ظهرت على قناة الجزيرة، والدكتور سعيد محمد، وهو عضو في مركز البحرين لحقوق الإنسان، وواحد من بين المعتقلين السياسيين الخمسة والعشرين، أُطلق سراحهم في وقت سابق من الشهر الماضي في محاولة من جانب الملك حمد لتقديم بعض التنازلات.
وفقاً للبي بي سي، فإن 60 شخصاً يُعتبرون في عداد المفقودين منذ الأربعاء، في حين يقدر صوت المنامة مجموع المفقودين بنحو 115، تم العثور على خمسة وثلاثين منهم في حين لا يزال مصير الثمانين الباقين مجهولاً. وفي السلمانية، طوقت قوات الأمن المستشفى ولم تسمح لسيارات الإسعاف بالدخول أو الخروج لعلاج الضحايا. ومُنعت قافلة طبية كويتية من دخول البحرين، كانت تضم طاقماً طبياً يبلغ 53 شخصاً إلى جانب 21 سيارة إسعاف.
أحوال الشرطة في أحياء الشيعة
العواطف لا تزال غضة والتوترات لا تزال مشتعلة بين الأغلبية الشيعية، التي تشكل الجزء الأكبر من المعارضة، وحكام المملكة السنين وحلفائهم. تمركزت الدبابات عند مدخل عدد من القرى الشيعية ويُسأل الناس من قبل الجنود عما إذا كانوا من الشيعة أم السنة عندما يحاولون الخروج. تفيد التقارير الواردة أن ضباطاً بحرينيين يتعدون بالضرب على المدنيين ويحتجزونهم عند نقاط التفتيش على أساس لهجاتهم (التي تشير إلى طوائفهم). أحياء شيعية أخرى اختُصت بهجمات شرطية وعسكرية عشوائية.
قوات أمن الخليج وحالة الطوارئ
دخلت قوات عسكرية خليجية بقيادة السعودية – تتألف من قوات سعودية وقطرية وإماراتية – إلى البحرين يوم 14 مارس لمساعدة النظام الملكي في قمع احتجاجات المعارضة، فأضافت خمس ضحايا إلى عدد القتلى في اليوم التالي.
ثم أعلن ملك البحرين، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، “حالة السلامة الوطنية”. والأرجح هو أنه كان يشير إلى سلامة نظامه القمعي، بينما شرعت قوات درع الجزيرة الخليجية في عملها بغية “فرض القانون وتعزيز الأمن ووقف الفوضى قبل البدء في حوار وطني”.
ورغم كونه ليس احتلالاً، كما حاولت إيران أن تسميه، إلا أن الأحوال توحي للكثيرين بحالة الأحكام العرفية. فالهدف المعلن لقوات الخليج هو حماية الحكومة البحرينية ومرافق النفط، غير أن مستوى العنف العشوائي الذي مارسته الدولة ضد المدنيين العزل في الأيام القليلة الماضية لم يسبق له مثيل. روايات شهود العيان ولقطات الفيديو لأفراد أمن الدولة البحرينية وهم يستخدمون الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والمدافع الرشاشة والدبابات وغيرها من الأسلحة ضد المدنيين العزل والصحفيين دون سابق إنذار بدأت ترد من العديد من القرى، لا سيما سترة وقدهام، وليس فقط من المنامة. تم إطلاق النار على المتظاهرين من طائرات هليكوبتر تابعة للقوات.
قمع وسائل الإعلام وحرية التعبير
اتهم المتصلون تلفزيون البحرين، وهي القناة التي تديرها الدولة، بالترويج للطائفية والعنف الطائفي. كما ألغت هيئة تنظيم الاتصالات الترخيص وقطعت جميع خدمات Connect2، وهي الشركة التي يمتلك إبراهيم شريف الزعيم السني الليبرالي العلماني النسبة الأكبر من الأسهم فيها.
تأجيج نار الطائفية
إن التركيز على الطائفية آخذ في الارتفاع. فالموقف في البحرين أزاح الستار عن حالة التوتر الطويلة والمتأججة بين السعودية وإيران وينذر بحرب قادمة في المنطقة. وصفت إيران حملة البحرين لفرض النظام بأنها “غير مبررة” وقامت بسحب سفيرها من البحرين. وأفادت التقارير يوم السبت بأن ميليشيا الباسيج قد هاجمت القنصلية السعودية في مدينة مشهد الإيرانية الشمالية بدافع القلق. قد تكون النتيجة هي تحول “الحرب الباردة” الإيرانية السعودية القائمة إلى مواجهات مباشرة، وتكثيف الصراعات بالوكالة السائدة بالفعل في المنطقة. ومع تدهور الوضع في البحرين، قد تسعى إيران إلى وسائل مبتكرة للتدخل ربما باستخدام وكلائها في لبنان أو العراق.
الفقر وحقوق المرأة
إن المسألة الأكثر إلحاحاً بالنسبة للمرأة البحرينية هي عدم وجود قانون أسرة موحد أو قانون للأحوال الشخصية كما هو معروف، ما يترك أمور الطلاق وحضانة الأطفال لتقدير القضاة الشرعيين، الذين تعرضوا لانتقادات بسبب عدم الاتساق في أحكامهم. في نوفمبر 2005 ، بدأ المجلس الأعلى للمرأة – في تحالف مع غيره من نشطاء حقوق المرأة – حملة من أجل التغيير، عن طريق تنظيم المظاهرات وتعليق الملصقات في جميع أنحاء الجزيرة وإجراء سلسلة من المقابلات الإعلامية.
الخطوات السياسية الممكنة
ينبغي أن يكون الحوار هو أساس لإجراء محادثات تهدف إلى تحقيق الهدف بعيد المدى وهو إقامة “نظام ملكي دستوري أو برلماني” في البلاد. وهو الهدف الذي سبق أن وضعه الملك حمد والذي تطالب به أحزاب المعارضة الرئيسية. ويتذكر الكثيرون الميثاق الوطني الذي تمت الموافقة عليه بتصويت في عام 2001 كجزء من الإصلاحات الجديدة، بيد أنه تم إلغاؤه.
لذلك لا بد من اتخاذ إجراءات عاجلة لتهدئة الوضع في البحرين وخلق الثقة اللازمة للحكومة والمعارضة لبدء الحوار الوطني الذي تأخر كثيراً لرسم مستقبل البلاد. كما تتزايد أيضاً المخاوف من أن هذه القوات الأمنية المشتركة تستخدم القوة المفرطة وترتكب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي والقانون الإنساني. ومن ثم فإن مساحة الحوار تبدو وكأنها تتقلص سريعاً.
الصورة مهداة من malyousif بموجب رخصة المشاع الإبداعي.